تدخل .. المكان كبير .. أمامك طريقين! أيهما تختار؟ ما أصعب الاختيارات؟! تتقدم للأمام حيث التمثالين الكبيرين، إنها صناديق فارغة زينت بكتابة فرعونية، تريد أن تلتقط الصور لكل ما تقع عينك عليه، لكن الإضاءة غير مناسبة والخلفية غير متزنة!

تدخل في الأعماق، أخناتون من دون نفرتيتي يبدو وحيداً! نظرات ثابتة بلا ملامح، لا أحد يتأمل، أشياء كثيرة لن تذكر أنك رأيتها الا إذا التقطت صورة لها، ألوان رمادية وصفراء باهتة تشعرك بالكآبة، تشعر بالتوهان تعود للنقطة الأولى وكأنك في متاهة، ترى مصعدا للطابق الأعلى، تصعد، تصطدم باللون الأصفر الذهبي، كل شئ يبدو لامعاً هنا، تدخل قاعة جانبية تنسى أن تقرأ الاسم، تفعل كما تفعل تبدأ من اليمين وتأخذ دورة إلي أن تخرج، لكنك تتفاجأ أنك أمامه، هو بكل تلك الكبرياء، توت عنخ آمون، القناع، التابوت، كل شئ متقن الصنع، تقف تتأمل في القناع، العينين لا تنظر إليك، تحدق في الفراغ، أنها نفس النظرة الثابتة في كل ما رأيت، تتساءل ما المشترك بين كل هؤلاء؟ إنه الموت! تلك النظرة الصامتة بلا تعبير، بلا حياة، حتى التماثيل الجالسة، تبدو كأنها مقيدة، ولا تبدو أنها تود التحرر ..

تخرج فتقرأ الاسم أعلي القاعة، قاعة الملك توت عنخ آمون، السياح ملهون بالتقاط الصور لكل ما تقع عليه أعينهم، كل الأشياء مماثلة لهم حتي توت عنخ آمون، يود أحدهم ان يلتقط صورة للتابوت، لكن الظابط يصرخ فيه، ممنوع التصوير!

تخرج تتجول في ألأرجاء، تري لوناً أبيض ينبعث من قاعة ما، قاعة العصر الروماني، تندهش، الشئ الوحيد الذي أدهشك منذ دخلت هنا! نحت لرأس، يبدو عليه الكبرياء، نظرة الوجه لأعلي، متعجرفة، كأنه السيد وأنت العبد، تحرص وأنت تلتقط الصورة أن تأخذها من زاوية سفلية! نحت لجسد فتاة عارية من غير رأس، إنها عذراء، خجول، ولا زال بها نضرة الشباب، تحتاج إلي إكسير الحياة، كي تكون لها روح، وآخرون ..

كل نحت في هذه القاعة تشعر كأن الحياة علي وشك أن تدب فيه، تفاصيل الجسد العاري تكشف كل الخبايا والأسرار، وتعبير الوجه ونظرة العينين تجبرك علي احترام من تقف أمامه، تبحث عن المخرج من هذه المتاهة، تتبع العلامات إلي أن تصل للعلامة الأخيرة عليها رسم لشخص يجري، تسرع بالخروج من هذه المقبرة إلى الحياة ..